Thursday, May 19, 2011

مشاهد من مصر ما بعد الثورة (2): الشيعة في الميدان - قصة من وحي الحقيقة


المكان: ميدان التحرير
الزمان: أول مايو - عيد العمال

المشهد الأول
مجموعة من أنصار حزب اشتراكي جديد يتجمعون باللافتات والمنشورات عند ناصية شارع قصر النيل مع ميدان التحرير. يبدو عليهم الحماس الشديد، فاليوم أول يوم منذ عقود طويلة يتم الاحتفال بعيد العمال في مكان عام وبمشاركة مجموعة من الأحزاب الاشتراكية والشيوعية والعمالية الجديدة.  ترفرف في قلب الميدان الأعلام الحمراء التي تحمل في وسطها رمز المنجل والمطرقة ، وترتفع اللافتات التي تهنئ عمال مصر بالعيد وتبارك نضالهم وتطالب بحد أدنى للأجور وغيرها من المطالب.

تبدأ واحدة من أنصار الحزب الجديد في توزيع بيان الحزب عن عيد العمال على المارة. وجهها مبتسم ومشرق فها هي الأحزاب التي كانت تحت الأرض حبيسة الظلام والملاحقة الأمنية تخرج إلى النور في تواصل مباشر مع الشعب والجماهير، وها هي رايات اليسار المصري العتيد ترفرف عالية حفاقة في قلب القاهرة...في ميدان التحرير.

يتوقف أحد المارة - وهو شاب في منتصف أو أواخر العشرينات من العمر- بعد أن أخذ البيان من المرأة وتفحصه، ثم ينظر إليها مبتسما وهو يقول:

الشاب: طب هي أيه الاشتراكية...؟

المرأة: (وبعض علامات الدهشة على وجهها...): يا سيدي الاشتراكية ببساطة هي....

الشاب (يقاطعها): أنا عارف أنها من أيام عبد الناصر....

المرأة: فعلا لكن كانت نوع آخر من الاشتراكية و خليني أوضح لك.....

الشاب (يقاطعها للمرة الثانية): لكن هي بدأت من أيام ثورة 1919...أصل أنا خريج تاريخ.

المرأة ( مع تزايد علامات الدهشة على وجهها): لا لا لا (وتضحك)...ثورة 1919 كانت ثورة ضد الاحتلال الانجليزي، أما الاشتراكية....

الشاب (يقاطعها للمرة الثالثة ومتحدثا بنبرة واثقة وقاطعة):  يا ستي دي بدأت من أيام ثورة 1919 أنا متأكد....ده أنا دارس تاريخ.

المرأة تنظر له في حيرة واندهاش وتعجب...وتصمت.

المشهد الثاني
يأخذ أحد المارة - وهو رجل في أواخر الثلاثينات أو أوائل الأربيعنات من العمر- البيان من المرأة ويقرأه برهة ثم ينظر إليها بقلق ويقول:

الرجل: انتو حزب جديد؟

المرأة (بافتخار) : أيوة

الرجل (وعلامات القلق والحيرة على وجهه): بس أنا عاوز اعرف حاجة...

المرأة: ايه هي؟؟

الرجل: ايه حكاية الشيعة الي في الميدان دول؟؟

المرأة (وعلامات الدهشة والاستغراب على وجهها): أي شيعة تقصد؟؟

الرجل: (وهو يشير بيده باتجاه قلب ميدان التحرير): الجماعة الشيعة دول الي رافعين الأعلام الحمراء.

المرأة (وهي تضحك بعد أن تبين لها اختلاط الأمر على الرجل): لا لا لا...دول مش شيعة ...دول الحزب الشيوعي...الي هو...

الرجل (وهو يقاطعها): هما بقوا حزب كمان؟؟!!

المرأة (وهي تحاول جاهدة أن تشرح للرجل): حضرتك مش فاهمني....دول مش شيعة...دول الحزب الشيوعي...دول حاجة تانية...دول...

الرجل (وفي صوته نبرة قلق وغضب وفي عينه نظرة إشفاق على المرأة الغير واعية بالخطر المحدق في قلب الميدان): يا ستي شيعي شوعي...يعني هي فرقت في النطق...كلهم بتوع إيران زي ما قالوا...ده لازم الأزهر والجيش يكون لهم موقف من الكلام ده....ربنا يستر على البلد دي.

المرأة تنظر له في حيرة واندهاش وتعجب...وتصمت.

No comments: