المكان: نادي
الجزيرة الرياضي بالزمالك
الزمان: صباح يوم
ربيعي من شهر مايو 2011
المشهد الأول
زوجان يجلسان في هدوء وسط منطقة مفتوحة تحيط بهما الأشجار
الباسقة وأحواض الزهور وتمتد أمامهما مساحات واسعة من ملاعب النجيل الأخضر. يحتسي
الزوج فنجان من القهوة السادة في حين تشرب الزوجة كوب من عصير الليمون المثلج.
تسود جلستهما حالة من الهدوء والسكينة...أو هكذا يبدو...وتحيط بهما نسمات ربيعية
رقيقة تحمل إليهما من حين إلى آخر هتافات غاضبة للمتظاهرين في منطقة ماسبيرو على
الضفة المقابلة من النيل.
الزوج (وهو يتأمل جمال الطبيعة المحيط بهما): "ياااه...الواحد من زمان كان محتاج القعدة دي...هدوء وخضرة وعصافير وهواء نظيف...بعيد
عن كل حاجة...شئ مريح للأعصاب".
الزوجة: "فعلا...كنا محتاجين ده من زمان(ثم تطرق بأذنيها
لالتقاط الهتافات القادمة عبر مياه النيل ):"...بس سامع...سامع الهتافات...االناس
زعلانة طبعا...ما هو احنا مش حنخلص...كل يوم يحرقوا كنيسة... كل يوم يرعبوا
الناس...ده بكره..."
الزوج (يقاطعها وفي صوته نبرة تمزج بين العتاب والحنان): "يا حبيبتي احنا قلنا ايه؟؟ احنا جايين نريح أعصابنا ونغير جو ونبعد شوية عن
السياسة والأحداث...شايفة الشجر والورد...سمعا العصافير".
الزوجة (وفي صوتها مزيج من الخجل والضيق): "ايوة
أيوة...الشجر والعصافير... فعلا".
يعود الزوجان للصمت و الهدوء وتأمل الأشجار والورود
والإنصات للعصافير.
المشهد الثاني
يلفت انتباه
الزوجة رجل ملتحي يسير بالقرب منهما ثم
يجلس إلى مائدة لا تبعد عنهما كثيرا.
الزوجة (وفي صوتها نبرة توتر وانزعاج): "بص...شوف الرجل
ده...اهو واحد منهم أهه...ده بكره يملوا النادي...ده بكره مش حانعرف نقعد القعدة
دي...ده بكره..."
الزوج (وهو يقاطع زوجته للمرة الثانية وفي صوته مزيج من
العتاب والضيق): "وبعدين يا حبيبتي...مش معقول كده...هو كل واحد بدقن حتخافي منه؟؟
وبعدين الرجل ده شعره أشقر...وشكله خواجة
خالص...ركزي في الطبيعة والقعدة الحلوة دي وبلاش التوتر ده...احنا جايين نريح
أعصابنا".
الزوجة (وهي تحاول السيطرة على انفعالتها وتوترها): "حاضر...حاضر...
نركز في الطبيعة".
يعود الزوجان للصمت و الهدوء وتأمل الأشجار والورود والإنصات
للعصافير.
المشهد الثالث والأخير
تحدق الزوجة في موبيلها وهي تتابع رسائلها، ثم تنتقل إلى رسائل تويتر. فجأة تصرخ...
الزوجة: "ينهار اسود!!"
الزوج (وهو ينتفض من على كرسيه): "ايه... في أيه...حصل
ايه..!!"
الزوجة: "دول بيقولوا أن الطالبان في باكستان فجروا عربية
مفخخة وموتوا80 وأصابوا 200...ما هود ه الي أنا خايفة منه... بكره ده الي
حيحصلنا...ده بكره..."
الزوج (وفي صياحه مزيج من العصبية والغضب واليأس): "لا لا
لا لا ....مش ممكن...كده خلاص...هي حصلت الطالبان...وفي باكستان كمان!!! لالالا
أنا مش قادر...انا أعصابي باظت...انا ماشي...أنا مروح...."
الزوجة ( وهي تحاول لملمة أشيائها لتلحق بزوجها الذي قام
غاضبا من مكانه ): "استنى...انت زعلت ولا أيه...هو فيه ايه؟؟!!"
ثم تلمح وهي تقوم من مكانها الرجل الملتحي وهو يقرأ
جريدة باللغة العربية.
الزوجة (وهي تشعر بنشوة من صدق حدسه وثبت حسن تقديره
للأمور): "الله...ده بيقرأ عربي اهه...يبقي مصري...يبقى أكيد واحد منهم...أما الحق
أقول له عشان يعرف أني كنت على حق".
وتركض للحاق بزوجها الذي اختفى من المشهد تماما هربا من
زوجته والمظاهرات والأشجار والملتحين والعصافير والطالبان في باكستان.
No comments:
Post a Comment